Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

Muslims in new historical and geographical context

كثر الكلام، في وقتنا، عن ضرورة الاجتهاد في تفسير النص القرآني وأحاديث السنة النبوية بما يتماشى مع مقتضيات العصرو الظروف الحياتية الجديدة في مجتمعات مختلفة عن مجتمع المدينة المنورة الذي بناه الرسول محمد صلى الله عليه و سلّم. والتطبيقات العملية للاجتهاد لا تخرج عادة من حيز الحلال والحرام أو الفرائض و السنن، مع أنّه يمكن التفكير و احكام العقل في ميادين أوسع تخص نمط تفكير المسلمين أو العقل الاسلاميـ  ان صحّ التعبير، و هو المشروع الذي عمل عليه مفكرون و مبدعين كبار، بداية من الشاعرو المفكر السوري أدونيس، مع كتابه  الثابت و المتحول الى أعمال جورج ترابيشي والباحث و المؤرخ المغربي محمد عابد جابري و غيرهم، غير أنّهم عبّروعن وجهات نظرمختلفة واعتمدو على منهج علمي دقيق يتوجه للمختصين ، ما أدى الى ارتباك عامة الناس و عجزهم عن فهم الاشكاليات المطروحة حول ركود الفكر العربي بفعل ترسبات الحقبات السابقة، كما أن أنّ الجدال العلامي طغى على الحوار البنّاء المرتكز على أمثلة ملموسة، يمكن أن يستنير بها من أراد تكوين رأي حول مدى تأثيرالثراث الديني على تفكير الانسان العربي المعاصر والطرق المثلى لتحرير طاقاته الابداعية.

بعد أن ذكّرنا بهذا، يمكن للمرء أن يعاين في محيطه بعض التصرفات و الأقوال التي تكشف عن استعمال المسلمين لجزء من الثراث في غير محله، و لا ربما كان لهذا الثراث أثر سلبي لو تم اسقاطه اجمالا في عصرنا.

من الأحاديث المتداولة ذلك الذي يحث المؤمن على استعمال مواهبه و قدراته في عمل يفيد الناس، وهذا شيئ لا يمكن استنكاره. مع هذا، تجدر الاشارة الى أنّ زمن الرسول كان مختلفا عن زماننا، فلم يعرف أنذاك ما يعرف الآن بسوق العمل. و حتى و لو وجد أناس معوزّون، فهذا لا يعني وجود مفهوم للبطالة التي أنتجتها الثورة الصناعية في أوربا، قبل أن تتأثر بها المستعمرات في افريقيا و آسيا، و الآن أصبح كل العالم يعيش في زمن العولمة، بايجابياتها و سلبياتها، و كذاك تحدياتها التي تفرض نمط تفكير جديد مختلف عن ما عهده العرب و المسلمين في الماضي، ولو تنوعت سبل هذا التفكير الجديد، وتباينت وجهات النظر بين المتحاورين، المهم أن يتفق الجميع على اطار محدد، هو البحث عن الحلول الناجعة لحلّ الأزمات الراهنة، واستخدام الموروث الفكري بما يخدم القضايا المعاصرة.

طبعا، الهدف من هذه المقاربة ليس تعزيز نمط فكري على حساب آخر،  سواءا اليسار الاشتراكي أو اليمين الليبرالي، بل المراد هو خلق مناخ يسمح بتبادل الآراء بشكل سليم دون الوقوع في مغالطات.  فكما ورد في بداية المقال لم يتم تأسيس مجتمع المدينة المنورة على أسس الرأسمالية "الحديثة" التي نعرفها اليوم وبالتالي لا يصحّ استعمال مصطلحات " اليمين" و " اليسار" عندما نتحدّث عن تلك المرحلة الأولى من التاريخ الاسلامي، أو حتي عند دراسة حقبات أخرى مثل العصر العباسي مع  التطور الفكري الذي أنتجه في مختلف المجالات. هكذا يتبين لنا أنّ اعتماد المنهج الرأسمالي بحذافيره في العالم الاسلامي ليس أمر بديهي، بل يحتاج الى البحث و التبصّر، و ان كنّا ،بفعل العولمة الاقتصادية،  مرغمين على اتباع اللبرالية الى حد ما، خاصة و قد اقترنت بالديمقراطية التي تنشد اليها معظم شعوب العالم، مع ابقاء الباب مفتوحا على المطالب الخاصة بحقوق العمال، والتوزيع العادل للثورات أو فرص التعليم و امكانية الحصول على المعلومات للجميع. وما يبقى من الثراث الديني هو القيم و المبادئ الانسانية التي تصلح لكل زمن و مكان سواءا كانت قي القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة، مع ضرورة فهم الوضع أو السياق المجتمعي الذي عاش فيه الجيل الأول من المسلمين، و يبقى باب الاجتهاد مفهوما أيضا في ما يخصّ الأحكام، و لو تمّ التركيز هنا أكثر على البعد الحضاري و الانساني لضرورة الاجتهاد لنفهم أنّ كلّ شعب هو نتاج تاريخه أو بالأحرى تقلبات التاريخ.

الياس فرحاني

 

 

 

 

Tag(s) : #Société
Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :